الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة في قرطاج: حين ترفع "الديفا" يسرى محنوش شعار "هذا ما يطلبه الجمهور"

نشر في  15 أوت 2018  (17:09)

"من لم يحركه الربيع وأزهاره، والعود وأوتاره ؛ فهو فاسد المزاج ليس له علاج" هكذا قال الامام الغزالي، متحدثا عن الموسيقى بصفتها الفاتحة في مصحف الوجود، ونحن نقول من لم يحركه صوت يسرى محنوش فهو فاسد الذوق والمزاج  ليس له علاج، فهذه الفنانة التي لقبها قيصر الأغنية العربية كاظم الساهر بسيدة الطرب العربي وأثنى على صوتها وديع الصافي وملحم بركات ولقبت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بكوكب الشرق للقرن 21، تمكنت من تحقيق شعبية كبيرة في وقت وجيز بل تصدرت نسبة مبيعات التذاكر في الدورة 54 من مهرجان قرطاج الدولي متفوقة على عرابها الفني كاظم الساهر وأمينة فاخت وغيرهما.

مساء 13 أوت كان العيد عيدين لخرّيجة برنامج "ذو فويس"، فالى جانب تزامن حفلها القرطاجني مع احتفال تونس بعيد المرأة، احتفلت يسرى محنوش بنجاح حفلها جماهيريا، فغنت ورقصت حدّ الانتشاء، وقد خيرت يسرى في حركة طريفة وقبل اعتلائها الركح، عرض شريط مسجل استعرضت فيه محطاتها الفنية منذ أن كانت طفلة وصولا الى اراء عمالقة الفن في صوتها.

وباطلالة استثنائية اعتلت يسرى محنوش ركح قرطاج  صحبة فرقة وافرة العدد بقيادة المايسترو عبد الباسط بلقائد، ولأنها أعدت لحفلها كما يجب لم تكتف صاحبة "اسكت بس" بديكور عادي بل عولت على بصمة المخرج سليم الصنهاجي الذي أضاف بلمسته الخاصة رونقا مميزا للعرض من خلال  المؤثرات الضوئية والألعاب النارية التي أنارت المسرح الروماني في ليلة ستسجل من أحرف ذهبية في المسيرة الفنية لهذه الفنانة الشابة .

وفي خطوة جريئة وغير منتظرة منها خلعت يسرى محنوش جلباب الالتزام الفني الذي عودتنا به، فجابت الركح رقصا وأطلقت العنان لضحكاتها ووزعت القبلات على جمهورها ومازحت مرارا قائد فرقتها وشاكست هذا العازف وجلست الى جانب الآخر، ولم تكتف بالغناء  بل منحت "ميكروفونها" الى الجمهور ليردد معها الاغاني وكررت نفس المقاطع في أكثر من مناسبة، ليخيّل الينا في لحظات أننا في حضرة "الديفا" أمينة فاخت عذرا "الديفا" يسرى محنوش.

وبين الطربي والتونسي والعراقي والرومنسي سلطنت يسرى محنوش جمهورها الذي كان أغلبه من الجنس اللطيف، ولأن المناسبة وطنية اختارت أن تستهل سهرتها الثالثة على ركح قرطاج، بأغنية "يا وطني" من كلمات والدها الحبيب محنوش وألحانها، قبل أن تتوقف وتعرب عن سعادتها لتقديم حفلها أمام شبابيك مغلقة .

وبين "فات الميعاد" و"الأطلال" لكوكب الشرق أم كلثوم، و"في يوم وليلة" لوردة و"أما براوة" لنجاة الصغيرة و"ابتدى المشوار" للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ انساب صوت يسرى محنوش عذبا قويا مشنفا الآذان، قبل أن تطرب القلوب  ب"la vie en rose"لايديت بياف و و(every night in my dreams) لسيلين ديون، وتجنبا لأي انتقادها  قد تطالها بعد أدائها لهذا الكم الهام من أغاني غيرها من الفنانين نظرا لكون ريبرتوارها الفني لا يسمح لها بتأمين سهرة كاملة غنت أيضا من انتاجها الخاص "اسكت بس"، "شفتوش خديجة"، "فاكراك"، "علي بابا"، "أنا عمري"، "أحيت أحيت" و"روحي" وهي أغنية جديدة من كلمات كريم العراقي وألحانها وتوزيع قائد الفرقة الموسيقية للفنان كاظم الساهر فاضل الفالح.

ولأنها اختارت لسهرتها عنوان "سهرة الطرب والنوبة" خصصت يسرى محنوش الجزء الأخير من حفلها لأغاني النوبة التي غيّرت مسار عرضها من الطربي الى "التخميرة "ونذكر أن يسرى كانت قد أكدت قبل عرضها انها لا تخشى اللون الشعبي وانه من واجبها كفنانة  أن تؤدي الأغاني التراثية التي حققت شهرة واسعة في بلدان العالم العربي مشيرة الى أنها تهوى النوبة كما تعشق الغناء الطربي، ولعلها  بذلك تتمكن من التخلص من ارتباط اسمها بلقب سيدة الطرب العربي الذي قد يعيقها مستقبلا في نوعية الحفلات التي تقدمها ويقلص من حجم العروض الفنية التي تتلقاها.

ولأن مسار العرض أخذ منعرجا جديدا، كان لا بد من دخول عازفين على آلة الدف والبندير الذين عززوا أعضاء الفرقة الوترية، وعلى أنغام "بابا بحري"، "يا بالحسن يا شاذلي"، "فارس بغداد"، و"راكب ع الحمراء"، و"يا للا جيتك بدخيل"، اهتزت مدارج المسرح الروماني رقصا وزغاريد، قبل أن تختم يسرى محنوش حفلها "بميحانة" كما كان متوقعا .

سهرة وكما ذكرنا آنفا كانت ناجحة على المستوى الجماهيري، لكن هذا لا يعني ألاّ نلقي ببعض اللوم على "سيدة الطرب العربي" والمتمثل أساسا في تعويلها في الجزء الأكبر من حفلها على أغاني غيرها، ونهمس في أذنها كما همسنا سابقا في أذن غيرها ممن اعتلوا ركح قرطاج أن الصوت وحده لا يكفي ولا بدّ من انتاجات جديدة تسمح لها بتأمين سهرة كاملة بمفردها، كما نذكرها بضرورة وأهمية محافظتها على هويتها وطابعها الخاص الذي عرفت به، وأن تتجنب السقوط في مستنقع المقارنات خاصة وأننا لم نكن بمفردنا من لاحظنا تشبهها الكبير على مستوى الحركات و"الهبلة الفنية" بأمينة فاخت فحذار يسرى من التفريط في جمال وقوة صوتك على حساب رفع شعار "هذا ما يطلبه الجمهور".

نذكر بأن الموعد يتجدد مساء اليوم الاربعاء 15 أوت على ركح المسرح الروماني بقرطاج مع الفنانة  "ماجدة الرومي" انطلاقا من الساعة العاشرة.

سناء الماجري